- - -🔥 قتل الحسد صاحبه - - -
قصة وعبرة بالغة عن شؤم الحسد
- - - -
يقال إن رجلاً من العرب دخل على الخليفة المعتصم فقربه وأدناه وجعله نديمه وصار يدخل على حريمه من غير استئذان، وكان له وزير كثير الحسد فغار من البدوي وحسده، وقال في نفسه: لابد من مكيدة على هذا البدوي فإنه قد أخذ بقلب أمير المؤمنين وأبعدني منه.
فصار يتلطف بالبدوي حتى أتى به إلى منزله وصنع له طعاماً وأكثر فيه من الثوم، فلما أكل البدوي قال له الوزير: احذر أن تقرب من الأمير فيشم منك رائحة الثوم فيتأذى لذلك فإنه يكره رائحته، ثم ذهب الوزير إلى أمير المؤمنين فخلا به، وقال: إن البدوي يقول عنك للناس: إن أمير المؤمنين أبخر (أي منتن الفم)!!.
فلما أتى البدوي طلبه المعتصم، فلما قرب منه جعل كمه على فمه مخافة أن يشم الأمير منه رائحة الثوم فلما رآه أمير المؤمنين وهو يستر فمه بكمه قال في نفسه: إن الذي قاله الوزير عن البدوي صحيح.
فكتب المعتصم كتاباً إلى بعض عماله يقول: إذا وصل إليك كتابي هذا فاضرب رقبة حامله، ثم دعا البدوي ودفع إليه الكتاب وقال له: امض به إلى فلان وجيء سريعاً بالجواب فامتثل البدوي ما رسم به المعتصم وأخذ الكتاب وخرج به من عنده.
فبينما هو بالباب إذ لقيه الوزير، فقال له: أين تريد؟ قال أتوجه بكتاب أمير المؤمنين إلى عامله فلان، فقال الوزير في نفسه: إن هذا البدوي ينال من التقليد مالاً جزيلاً، فقال له: ما تقول فيمن يريحك من هذا التعب الذي يلحقك في سفرك ويعطيك ألفي دينار؟ فقال له: أنت الكبير وأنت الحاكم ومهما رأيته من الرأي افعل. فقال: هات الكتاب. فدفعه إليه وأعطاه الوزير ألفي دينار فركب الوزير وصار بالكتاب إلى المكان الذي هو قاصده.
فلما قرأ العامل الكتاب أمر بضرب عنقه!!.
وبعد أيام تذكر الخليفة في أمر البدوي وسأل عن الوزير فأخبر بأن له أياماً ما ظهر وأن البدوي بالمدينة مقيم، فتعجب المعتصم من ذلك وأمر بإحضار البدوي وسأله عن حاله فأخبره بالقصة التي اتفقت له مع الوزير من أولها إلى آخرها، فقال: أنت قلت عني أني أبخر؟ فقال معاذ الله يا أمير المؤمنين كيف أتحدث بما ليس لي به علم؟ وإنما كان ذلك مكراً منه وخديعة وأعلمه كيف دخل به إلى بيته وأطعمه الثوم وما جرى له معه، فقال المعتصم:
قاتل الله الحسد بدأ بصاحبه فقتله، ثم خلع على البدوي واتخذه مكانه وزيراً وراح الوزير بحسده.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق