أهل المعروف - كوكب القصص

إذا سئمت الحياة على كوكب الأرض فعش على كوكب القصص أياما

أهل المعروف

أهل المعروف

شارك المقال
اصطف المصلون لأداء صلاة المغرب في أحد المساجد المنتشرة في أرجاء دولة الكويت وبعد الانتهاء من الصلاة قام أحد المصلين وطلب من الحضور الاستماع إلى أحداث هذه القصة الحزينة .
فقال : سوف أروي لكم مأساة أسرة فقيرة تعاني من شظف العيش كانت هذه الأسرة تسكن في شقة وكان رب الأسرة يقوم بواجباته تجاه أسرته قدر استطاعته وكان أجره الذي يتقاضاه من عمله لا يكاد يوفي بالتزاماته الأسرية فهو يسدد منه إجار الشقة والباقي يصرفه على أسرته وما أن ينتصف الشهر حتى يكون الراتب قد نفد وتقضي الأسرة باقي أيام الشهر بضنك وشدة ولكنهم راضين بما قسمه الله تعالى لهم ، وفجأة حدثت فاجعة أليمة زلزلت أركان الأسرة الفقيرة فقد طرد رب الأسرة من عمله وبذلك انقطع راتبه وأحتار ماذا يفعل ومن أين يعيل هذه الأسرة المكونة من زوجه وأبناء صغار أصغرهم طفل رضيع يتغذى على لبن أمه ، وأخذ رب الأسرة يطرق الأبواب بحثا عن عمل ولكن دون جدوى .
وعند نهاية الشهر حدثت مصيبة أخرى لقد جاء صاحب العماره يأخذ أجار الشقه كالعادة ، فقال له رب الأسرة : ليس معي شيء أدفعه لك حيث أني فصلت من عملي ولا أملك نقودا .
كان صاحب العمارة من الذين قست قلوبهم وتجمدت أحاسيسهم وانتزعت الرحمة منهم فنظر إلى الرجل نظرة ملؤها القسوة وصرخ بأعلى صوته قائلا : إما أن تدفع إجار الشقة وإلا تخرج بره ولك مهلة اليوم فقط تدبر أمرك مفهوم . وانصرف وهو يزمجر كأنه ثور هائج.
وجلس رب الأسرة حيران رافع كفيه يدعو ربه أن ييسر أمره . وبعد تفكير جمع ما في شقته من أغراض بسيطه وقال لزوجته هيا هاتي الأولاد واتبعوني.
 وخرجت الأسرة من الشقه وسكنوا تحت سلم العمارة إلى أن يقدر الله أمرة . وفي الصباح جاء صاحب العمارة فرأى الأسرة الفقيرة وقد تكوموا تحت السلم ولم يرق قلبه لهذا المنظر الأليم بل زاد هياجه وعلا صراخه وقال : ماذا تفعلون هنا .
قال رب الأسرة : أين نذهب وليس لنا مأوى أو ملجا . قال : أذهبوا إلى الجحيم لا أريد أن أراكم في عمارتي هيا اذهبوا أذهبوا . قال الرجل : حسنا ولكن أمهلنا بضعة أيام ندبر فيها حالنا . قال : هما يومان لا ثالث لهما ويعدهما لا أريد أن أرى لكم أثرا هنا .
جلس رب الأسرة لا يدري ماذا يفعل وأولاده حوله جياع حتى الأم المسكينة نشف اللين في صدرها فلم تعد تستطيع إرضاع وليدها ، وهم على هذه الحال
مر عليهم إمام مسجد فلما رآهم رق لحالهم فنادی على رب الأسرة وسأله عن سبب جلوسهم في هذا المكان فقص عليه القصة ، فلما سمع أمام المسجد قصتهم وعرف مشكلتهم رق قلبه ودمعت عيناه وقال لرب الأسرة هيا معي أنت وأسرتك اسكنوا معي في المسجد إلى أن يفرج الله عليكم واصطحبهم وأسكنهم في غرفته وسكن هو داخل المسجد ، ولازالت هذه الأسرة المسكينة المشردة تسكن في غرفة إمام المسجد ولا يزال إمام المسجد الطيب يقوم على خدمتهم ويوفر لهم حاجياتهم الضرورية ... وهنا توقف راوي هذه المأساة عن الحديث وساد بين المصلين صمت رهيب فلا تكاد تسمع إلا همسا ونهنه ودموع تنساب على الوجنات وكأن هذه المأساة من الخيال أو حلم من الأحلام.
ويواصل راوي المأساة حديثه قائلا : من لهذه الأسرة المسكينة بعد الله عز وجل فمدوا أيديكم الطاهرة إلى هذه الأسرة المنكوبة وأنقذوهم مما هم فيه وكان الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه فبادروا جزاكم الله خيرا لانقاذ هذه الأسرة .
وهنا أخذ المصلون يتسابقون كل يخرج ما في جيبه من نقود لمساعدة هذه الأسرة ، إلاأحد المصلين لم يقم من مكانه وظل جالسا لا يتحرك حتى خلا المسجد من المصلين هنا قام من مكانه وكان رجلا كبير السن ونادي على راوي القصة وسأله : هل ما رويته عن هذه الأسرة صحيح؟ إن كان كما قلت فخذني إليهم .
وأخذ راوي القصة بيده وذهب معه إلى المكان الذي تسكن فيه الأسرة فلما رآهم الرجل بکی لحالهم ورق قلبه لهم وأعطاهم خمسة آلاف دينار ، وأسكنهم في شقه وصار يدفع عنهم إجارها ، ولا يعلم أحد من هو .
هذه صورة مشرقة تدل على حب أهل هذا البلد لعمل الخير طمعا لما عند الله من الأجر والثواب الله.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق