الحاج والوديعة - كوكب القصص

إذا سئمت الحياة على كوكب الأرض فعش على كوكب القصص أياما

الحاج والوديعة

الحاج والوديعة

شارك المقال


وصل بعض المسافرين لقصد الحج مدينة ونزل عند صاحب له. فلما تمت مدة الإقامة وعزم على الرحيل أخبر صاحبه أن عنده أمانة وهي جملة من النقود والجواهر ويريد أن يودعها مؤتمناً إلى أن يرجع. فلما سمع منه صاحبه ذلك استحى أن يقول له: ضعها عندي خوفاً من أن يظن أنه طامع فيها فأشار عليه أن يضعها عند القاضي. فأخذها وذهب إلى القاضي وقال له: إني رجل غريب وأريد الحج وعندي أمانة قدرها كذا من النقود والجواهر وأريد أن أسلمها إلى مولانا القاضي ليحفظها إلى أن أعود من الحج وأستلمها. فقال له القاضي: نعم. خذ هذا المفتاح وافتح هذا الصندوق وضعها فيه وأغلق الصندوق جيداً. ففعل وسلم المفتاح إلى القاضي وسلم عليه وتوجه. فلما قضى حجه ورجع ذهب إلى القاضي ليطلب الأمانة. فقال له: إني لا أعرفك وأنا عندي أمانات كثيرة فمن أين أعرف أن لك أمانة عندي. وأطال المحاولة معه فانصرف الرجل إلى صاحبه وأعلمه بذلك وغابه في هذه المشورة. فأخذه وذهب إلى بعض الأمراء المقربين إلى الملك وأخبره بتلك القضية. فوعدهما أنه في غد يذهب إلى القاضي ويجلس عنده ويخبره بقصة أخرى تخصه ويدخل ذاك الشخص صاحب الأمانة عليهما ويطلب أمانته من القاضي. فلما كان الغد ذهب ذلك الأمير إلى القاضي وجلس بجانبه. فلما انتهى تعظيمه وإجلاله من القاضي على حسب مقامه. قال له: لعل السبب الذي أوجبك إلى تشريفنا بقدومك خير. فقال له: نعم هو خير لك إن شاء الله تعالى. فقال: ما هو. قال الأمير: إني في ليلة أمس طلبني الملك فذهبت إليه. فلما انتهى المجلس وانصرف الناس وأردت أن أنصرف إذا هو أمرني أن أتخلف عنده. فلما اختلينا أسر إلي أنه يريد الحج في العام القابل ويريد أن يسلم المملكة جميعها لمن يعتمد ويؤتمن في ذلك إلى أن يعود بالسلامة. فاستشارني في الأمر فأشرت عليه أن يسلمها لجنابك لما نعهد عندك من الأمانة والعفة والصداقة أولى من تسليمها لبعض الذوات فربما يعمل محالفة أو تطمع نفسه في المملكة فيثير فتنة أو نحو ذلك. فأعجبه هذا الرأي وأجمع أنه بعد يومين يعقد مجلساً عاماً ويفعل ما أشرت به عليه. ففرح القاضي بذلك فرحاً شديداً وأثنى عليه. وإذا بصاحب الأمانة داخل عليهما فتمثل أمام القاضي وسلم. وقال: يا حضرة مولانا القاضي إن لي أمانة عندك وهي كذا وكذا سلمتها إليك في وقت كذا وكذا. فما أتم كلامه حتى قال له القاضي: نعم يا ولدي وأنا تذكرتك الليلة عند النوم وعرفتك وعرفت أمانتك فخذ هذا المفتاح واستلم أمانتك. فأخذها وسلم وانصرف. وانصرف ذلك الأمير أيضاً
فلما مضى الميعاد الذي وعده القاضي ذهب إلى الأمير وسأله في شأن المملكة والملك. فقال له: أيها القاضي نحن لم نخلص منك أمانة الرجل الغريب الحاج إلا لما ملكناك الدنيا بأجمعها. فإذا ملكتها بأي شيء نخلصها. فعرف أنها حيلة وعاد خائباً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق