أمر الحجاج صاحب حرسه أن يطوف بالليل فمن رآه بعد العشاء سكران ضرب عنقه. فطاف ليلة من الليالي فوجد ثلاثة فتيان يتمايلون وعليهم أمارات السكر. فأحاط بهم صاحب الحرس وقال لهم : من أنتم حتى خالفتم الأمير وخرجتم في مثل هذا الوقت. فقال أحدهم:
أنا ابن من دانت الرقاب له ... ما بين مخزومها وهاشمها
تأتيه بالرغم وهي صاغرة ... يأخذ من مالها ومن دمها
فأمسك عنه وقال: لعله من أقارب أمير المؤمنين.
ثم قال للآخر: وأنت من تكون؟. فقال:
أنا ابن من لا تنزل الدهر قدره ... وإن نزلت يوماً فسوف تعود
ترى الناس أفواجاً إلى ضوء ناره ... فمنهم قيامٌ حولها وقعود
فأمسك عنه وقال: لعله ابن أشرف العرب.
ثم قال للآخر:وأنت من تكون؟. فأنشد على البديهة:
أنا ابن من خاض الصفوف بعزمه ... وقوّمها بالسيف حتى استقامت
ركاباه لا تنفك رجلاه منهما ... إذا الخيل في يوم الكريهة ولت
فأمسك عن الآخر وقال: لعله ابن أشجع العرب واحتفظ عليهم.
فما كان الصباح رفع أمرهم إلى الحجاج فأحضرهم وكشف عن حالهم. فإذا الأول ابن حجام. والثاني ابن فوّال. والثالث ابن حائك.
فتعجب من فصاحتهم وقال لجلسائه: علموا أولادكم الأدب فوالله لولا فصاحتهم لضربت أعناقهم.
هادي القصة جميلة جدا
ردحذف